السبت، 29 أبريل 2017

هل اقتبس موسى خيمة الاجتماع من المعباد المصرية؟

التشابه بين خيمة الاجتماع والمعابد المصرية

أطلق علماء النقد الأعلى عدة ادعاءات تخص الكتاب المقدس، وغرضهم المعلن هو فحص الكتاب المقدس لاثبات مصادره الحقيقية. هذا التيار علمي بحت لا علاقة له بإيمان المسيحيين بالكتاب المقدس، وهم لا يضعون اعتبار لأي شئ سوى العقل وما يقبله العقل، وبذلك ينكرون كل ما هو معجزي أو فوق طبيعي. ومن ادعاءاتهم :  أن موسى النبي اقتبس فكرة خيمة الاجتماع (خر 25-31) من المعابد المصرية.

سبب الادعاء: عدم إيمانهم بما هو فوق طبيعي ( فلا يقدرون أن يصدقوا أن الله أعلن لموسى تفاصيل الخمية، وعدم تصديقهم يدفعهم للبحث عن مصدر للخيمة يكون موسى اقتبس منه الفكرة)

الصحيح: لم يأخذ موسى النبي تصميم خيمة الاجتماع أو محتوياتها من المعابد المصرية القديمة، وذلك لأسباب عديدة، نذكر منها ما يلي:

    1-    أُقيمت خيمة الاجتماع بحسب الوصية الإلهية، وبحسب المثال الذي أراه الرب لموسى على الجبل " فيصنعون لي مقدسًا لأسكن في وسطهم. بحسب جميع ما أنا أُريك من مثال المسكن ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون" (خر 25: 8، 9)؛ فوجود جزء من الخيمة باسم القدس وقدس الأقداس لا يعني أن موسى النبي أختلس تصميم الخيمة من المعابد المصرية.

      2-     دُعيت خيمة الاجتماع بأربعة أسماء وهي:
a.       المسكن (خر 26: 1) لأن الله كان يسكن من خلال الخيمة وسط شعبه.
b.       مسكن الشهادة (خر 38: 21، عد 1: 50) لأنها احتوت لوحي الشهادة.
c.       خيمة الاجتماع (خر 33: 8، 40: 34، 35) لأن الله كان يجتمع مع شعبه من خلال هذه الخيمة.
d.       بيت الرب (يش 6: 24) الذي يلتقي فيه الإنسان بالله.
 وهذه الأسماء كلها أو بعضها لم تُطلق من قبل على المعابد المصرية القديمة.

   3-    أُقيمت خيمة الاجتماع من ألواح خشب السنط المغشاة بالذهب، وكانت الخيمة عبارة عن متوازي مستطيلات بابها ناحية الشرق وتنقسم الخيمة إلى قدس الأقداس والقدس هذا بالإضافة للدار الخارجية.  وهذا يختلف عن تصميم المعابد المصرية التي كانت تتكون غالبًا من أربعة أجزاء هي:
a.       أولًا: مكان تواجد الشعب، وهو مكان فسيح، وبه مكان مخصص لتقديم الذبائح.
b.     ثانيًا: بهو الأعمدة، حيث كان يُقام أكبر عدد ممكن من الأعمدة المرتفعة، التي تعكس الصوت، فعندما يتكلم الكهنة يتردد الصدى مرات عديدة بعدد الأعمدة المقامة. وفي هذا البهو كانت الإضاءة تأتي خافتة من خلال فتحات ليست متسعة بسقف المعبد.
c.       ثالثًا: المكان الذي يقيم فيه الكهنة شعائرهم الدينية، ويكاد أن يكون مظلمًا.
d.       رابعًا: وهو ما يُعبَر عنه بقدس الأقداس حيث تمثال فرعون الذي يؤلّهونه.
إذًا فالإنسان المصري القديم كان يدخل المعبد بين تماثيل ضخمة، وكان المعبد يتميز بجدرانه الضخمة التي تضم العديد من الحجرات، فأين كل هذا من خيمة الاجتماع وبساطتها؟!!

     4-     كان للخيمة غطاء مكوَّن من أربع طبقات هي:
a.     الطبقة الأولى تتميز بالألوان الأربعة (الأسمانجوني أي الأزرق السماوي؛ والأرجواني أي البرتقالي الملوكي؛  والقرمزي أي الأحمر القاني؛ والأبيض) ومطرز عليها الكاروبيم، فالذي يتطلع إلى هذه الطبقة من القدس أو قدس الأقداس كأنه ينظر للسماء بجمالها
b.       الطبقة الثانية منسوجة من شعر الماعز (لون أسود) لحماية الطبقة الملونة من أية عوامل خارجية
c.       الطبقة الثالثة من جلود الكباش المصبوغة باللون الأحمر.
d.       الطبقة الرابعة وهي من أعلى فمصنوعة من جلد التُّخس (جلود حيوان بحري)

وكان للخيمة سور خارجي مكوَّن من ستائر كتانية مُعلَّقة بين أعمدة  وبهذا السور باب متسع من جهة الشرق له ستارة بذات الأربعة ألوان البديعة.  ولم نسمع قط أنه كان هناك معبدًا مصريًا محاطًا بسور من الستائر البيضاء، ولا معبدًا له باب من ستارة كهذه، فالسور شاهد على أن موسى لم يقتبس خيمة الاجتماع من المعابد المصرية.
    
    5-    صُنعت الخيمة من الخشب والذهب والفضة والنحاس والقماش والجلود، بينما بُنيت المعابد من الأحجار، وكانت الخيمة تنتقل مع بني إٍسرائيل من مكان إلى آخر، فلو أقتبس موسى من الحضارة المصرية لكان يبني معبدًا ولو بسيطًا من الأحجار في كل مكان يحل فيه الشعب، ولكن هذا لم يحدث

     6-    كان لخيمة الاجتماع ثلاثة مداخل، الأول وهو في السور الخارجي، ومنه يدخل الشعب إلى الدار،  أما المدخل الثاني فهو يفصل بين الدار والقدس ولا يعبره إلاَّ الكاهن أو رئيس الكهنة فقط، وهو عبارة أيضًا عن ستارة. والمدخل الثالث يفصل بين القدس وقدس الأقداس ولا يعبر منه إلاَّ رئيس الكهنة في يوم الكفارة العظيم، ويُدعى هذا الفاصل بالحجاب الحاجز ومكوَّن من ستارة بديعة ذات الألوان الأربعة. بينما لم نسمع قط أنه كان هناك معبدًا مصريًا له مداخل ذات ستائر كهذه.

    7-    كان في داخل القدس المنارة الذهبية ذات السرج السبعة التي تضاء بزيت الزيتون النقي؛ ومذبح البخور الذي يُصعد عليه الكاهن البخور، ومائدة خبز الوجوه الذهبية التي يوضع عليها اثنا عشر رغيفًا بعدد أسباط إسرائيل، يأكلها الكهنة كل سبت ويضعون بدلًا منها أرغفة جديدة. ولم يُسمع أنه كان هناك معبدًا مصريًا وُجد داخله منارة ذهبية أو مذبح للبخور أو مائدة لخبز الوجوه.
    
     8-     كان في داخل قدس الأقداس تابوت العهد المصنوع من خشب السنط والمغشى بالذهب، ويعلوه كاروبان، وداخله لوحي الشهادة المكتوبان بإصبع الله، وقسط المن، وعصا هرون التي أفرخت، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولا يمثل أمام التابوت إلاَّ رئيس الكهنة في يوم الكفارة العظيم، وهو يقدم البخور، وينضح بالدم على التابوت. بينما كان المصريون يضعون في قدس الأقداس تمثال لفرعون الذي يؤلّهونه.

أخيراً دعوني أقول:
ذكر لنا الكتاب المقدس أن المسيح انتقد قادة اليهود في الكثير من تعاليمهم (الشخصية التي أضافوها للناموس) ولم يذكر أنه انتقد أي جزء من الكتاب المقدس العبري، بل استخدمه واعتمد تقسيمته اليهودية ولم يعترضهم عليها.
إن ثقتي الشخصية ف الكتاب المقدس ودقته الفائقة وتماسك أجزاؤه (من تك إلى رؤ) بالرغم من عدد سني كتابته 1600 سنة وتعدد كتابه 40 كاتب واختلاف ثقافاتهم، تجعلني أثق في كل ما أعلنه.
الله بنفسه أمين للدرجة التي لن يسمح فيها للبشر أن يتبعوا خرافة طوال حياتهم، بل بالحري يرشدهم لطريق الحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق