الأحد، 19 فبراير 2017

الفصل الأول 2

مصطلحات وتعريفات
ثانياً الوحي

يُعتبر التصريح في (2 تى16:3؛ 2بط19:1-21) من أهم الكتابات التي جاءت بها لفظة وحي. والكلمة حرفياً كما وردت في اليونانية "هي theopneustosثيؤبنوستوس، تعنى نَفَس الله أوالله تَنَفس. وقد وردت أيضاً فى (أي32:8) في العبرية بمعنى نَسمَه neshamah"[1]. فكما نفخ الله قديما في آدم، فصار آدم نفساً حية (تك7:2)، هكذا فإن الكتاب المقدس هو ذات نسمات الله. "فالوحي هو القوة الخارقة، التي لا يُمكن التعبير عنها، التي أعطاها روح الله لأولئك الذين كتبوا الأسفار المقدسة"[2]. بعبارة أخرى الوحي هو الأسلوب الذي اختاره الله لكي يضمن وصول كلمته نقية للإنسان. ولذلك يمكن قراءة (2تي16:3) “كل الكتاب إلهي النسمة، أو كل الكتاب إلهي النفخة”.

نظريات الوحي:

نظرية الوحى الكتابية: الوحي اللفظي التام غير إملائى المعصوم
تؤكد هذه النظرة على المزج بين الدور الإلهي والبشري في الوحي في إطار من السيادة والعناية الإلهية. ليس فقط أثناء عملية الكتابة، بل قبلها في إعداد أولئك الكتبَه(إر1: 4-5). ويتضح الدور البشري الممتزج بعمل الله، في نصوص مثل: لو1: 1-4؛ 2صم1: 17؛ 1مل11: 41. ويمكن تلخيص أفكار النظرية كما يلي:
1 – الوحي لفظي: روح الله عَمِل في كَتَبةِ الوحي فكتبوا مستخدمين الكلمات التي كانوا يستعملونها، وقد حفظهم حتى لا يقعوا فى أي غلطة أو يتركوا أي كلمة؛ فجاءت كلمات الوحي مُعَبِرة عن مايريد الله أن يقوله دون أخطاء. ومع ذلك فالوحي ليس إملائي فالله لم يستخدم آلات كاتبة.
أ‌.       "أكثر من 3800 مناسبة فى العهد القديم أعلن كُتّابَهُ أن ما قالوه وكتبوه هو كلام الله"[3].
ب‌.  (مت31:22-33) حوار بين المسيح وفريق من الصدوقيين المنكرين لحقيقة القيامة، وأراد أن يبرهن لهم على أن كُتبهم المقدسة تحتوى على فكر القيامة مستنداً على جزء من حديث الله مع موسى (خر3) والذى تكرر فيه قول الله انه "إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب"، بصيغة الحاضر وليس الماضى. وبذلك نرى "أن المسيح بنى تعليمه على زمن الفعل"[4]
ت‌.  (مت18:5) يؤكد المسيح على أن نقطة لا تزول حتى زوال السماوات والأرض.
ث‌.  (غل16:3) يشير بولس هنا إلى أن المواعيد قيلت فى إبراهيم وفى نسله، ( مفرد وليس أنسال جمع)
2 – الوحي كامل أو تام أو شامل: أي أن كل جزء من الكتاب المقدس هو موحى به بنفس النسبة، فليس هناك أجزاء أكثر وحياً من غيرها.
تدريب : ما الفرق بين القراءتين لنص (2تي16:3) كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع ...، أو كل الكتاب الموحى به من الله هو نافع ...
3 – الوحي معصوم: وهذه الصفة تشير إلى أن مابين أيدينا هو نسخة صحيحة تماماً للحق الإلهي وموثوق فيها. إن كلمة الله حق (يو17:17) كامل وبلا عيب ويمكن الوثوق فيها. ولأن الكتاب المقدس بالكامل هو كلام الله، لذلك فلا يوجد إحتمال لأى خطأ بها (مز140:119؛ مز6:12؛ أم5:30).
ويستخدم البعض لفظة infallible وتعني خالي من الخطأ حيث، ينكرون العصمة المطلقة، فهم يؤمنون بأن الكتاب صحيحاً فيما يتعلق بالخلاص والإيمان ولكن قد يحتوى على أخطاء قليلة فيما كُتب عن التاريخ والعلم.

نظريات أخرى للوحي:
1. نظرية الوحي الجزئي Partial inspiration Theory 
وحي الأسفار معصومًا فقط في أمور الإيمان ومبادئ السلوك الأخلاقي، وليس في الأمور التاريخية أو العلمية، أو معصومًا في النصوص التي يكون المتحدث فيها هو الله نفسه، أي معصومًا فقط في الأقوال التي نطق بها الله في العهد القديم، أو في الأقوال التي نطق بها المسيح في كتابات الأناجيل الأربعة.
بناءاً عليه: الكتاب المقدس لا يمثل في مجمله كلمة الله بل يحتوي على كلمة الله. وقد يؤمن البعض بالوحي الجزئي دون أن يدري، وذلك عندما يقول: إن ما يلمس القلب ويتحدث إلي النفس من الكتاب هو نص موحًى به من الله، وكأنه يقول أن النصوص الأخرى التي لا تتلامس معه غير موحى بها من الله.


نقد النظرية: (2تي16:3) كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً وليس جزءًا من الكتاب موحى به من الله، يؤكد بطرس بأن ما كرز وعلَّم به لم يكن فيه إتباع خرافات مصنعة بل لكونه شاهد عيان، في المقام الأول، (2بط1: 18). ولشهادة الكلمة النبوية لما علم به، (2بط1: 19-21). من غير المعقول أن يستخدم الرسول بطرس الكلمة النبوية مشيرًا إلى كتابات العهد القديم، ليدلِّل بها على صحة ما يعلم به، وهو لا يدرى بأنها تحتوي على خرافات وأساطير.

2. وحي الإلهام الطبيعي،  Intuition Theory
الوحي موهبة خاصة من جانب الإنسان الطبيعي، مثلها مثل أية قدرة فنية، أو أدبية تلازم صاحبها دائمًا. ويتبنى الليبراليون (التحرريون) مثل هذه النظرة عند دراستهم للكتاب، ومن ثم يتعاملون معه كأية وثيقة قديمة. إن كتبة الأسفار، وفقًا لهذا الفكر، عباقرة دينيون
نقد النظرية: إن التسليم بهذه الفكرة، يجعلنا نرفع من مستوى إبداعات الإلهام الطبيعي الخالدة إلي مستوى الكتابات الموحى بها من الله. إن من يحاولون تجريد كلمة الله من سمتها الإلهية لتصبح كلمة بشرية فقط يجهلون أن أعمال البشر الأدبية مركزها الإنسان فقط، في حين أن الهدف الرئيس من كلمة الله هو مجد الله من خلال إعلانه عن ذاته وعن خطته الفدائية للبشر.

3. نظرية الوحي بالأفكار، Thought Inspirational Theory
الله أوحي للكتبة بالأفكار فقط، تاركًا لهم حرية الصياغة والتعبير عنها بأساليبهم الخاصة.
 نقد النظرية: لا تؤكد كلمة الله هذه الفكرة، فمثلاً :أ) أحايناً دار الجدل بين المسيح ومقاوميه من اليهود حول لفظة واحدة محددة بعينها، مما يؤكد وحي تلك اللفظة، (يو10: 35 مع مز82: 6). ب) عندما دعا الرب إرميا قال له: “هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ”، (إر1: 9). ج) اعتمد الرسول بولس على معنى لفظة واحدة في (غل3: 16 مع تك3: 15): “نسل” وليس “أنسال”. وعلى كلٍ، لم يشهد المسيح لوحي الأفكار فقط بل قال: “… إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ”، (مت5: 18). "لا يوجد وحي بالأفكار لا يشمل الكلمات التي تُعبر عن هذه الأفكار، فبالتأكيد الكلمات موحى بها أيضاً"[5]

4. الوحي الإملائي أو الآلي، Mechanical Dictation Inspiration
الله أملى على كتَبَة الوحي كل لفظة دوّنوها. ويعني هذا الفكر أنه ليس لكتَبَة الوحي سلطان على أنفسهم، بل هم مجرد أقلام في يد الله، أو كيبورد، Keyboard، بالنسبة له.
نقد النظرية: التنوع الأدبي الهائل في الأساليب الأدبية لكتَبَة الأسفار ينقد هذه النظرية.




[1]عبد المسيح بسيط أبو الخير، الوحى الإلهى واستحالة تحريف الكتاب المقدس، (القاهرة: مطبعة المصريين، 1998)، 7.
[2]جيمس ل. سلاى، تشارلس و. كون،هذا ما نؤمن به، (القاهرة: المكتب العام للكنيسة الخمسينية)، 16.
[3] بسام ميخائيل مدني، وحى الكتاب المقدس (موقع كلمة الحياة: كتاب إلكترونى من خدمة العربية للكرازة بالإنجيل، مطبوعات ساعة الإصلاح. 1998)، 21.
[4] يوسف رياض، وحى الكتاب المقدس ،(القاهرة: مكتبة الاخوة،2008)، 43.
[5] ثيسن، 113.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق