الأحد، 19 فبراير 2017

الفصل الثاني 3

الخطوة الرابعة
 النقل:
ونقصد كيف جرى نسخ الكتاب المقدس، وترجمته دون حدوث أخطاء.
1. ما هي الطرق التي إعتمدها الله لتوصيل الحق، ولماذا إختار الله أن يصل لنا الحق مكتوباً؟
إعتمد الله قديماً طرقاً وأنواعاً مختلفةً (عب1:1) لتوصيل الحق، منها، الملائكة، الأحلام والرؤى، الأوريم والتميم (عد21:27)، وغيرها. لكن هذه الطُرق تميزت بأنها فردية وشخصية. وجاء يسوع كالإعلان الكامل عن الله (يو18:1)، ونحن نعرفه من خلال الكلمه المكتوبة. فقد إعتمد الله طريقة الكتابة لتوصيل الحق، "لم يتلق كتبة الوحي فقط الكلام من الله بل تلقوا معه أمراً صريحاً بتسجيل هذه الأقوال في كتاب"[1]

2. ما هي أسباب إختيار أسلوب الكتابة؟[2]:
إن الأمر متعلق بكيفية حفظ الله لكلمته نقية لجميع الأجيال، إلى أن تزول الأرض والسماء. لذلك علينا فحص مراحل استلام كلمة الله عبر الأجيال وكيفية الحفاظ عليها.
مرحلة التعليمات الشفهية: لقد أعطى الله كلامه في البداية لآدم وكانت وصية مفرده، ولم يكن آدم اختبر الطبيعة الساقطة، لذلك كانت هذه الطريقة ( الشفهية) مناسبة لهذه الحالة. "حافظ الله على الوصايا الشفهية من خلال أعمار الناس الطويلة: الفترة من آدم إلى موسى تزيد عن 2500 سنة يمكن تغطيتها بخمسة أجيال فقط! كما يبينها الجدول التالي:"[3]

متوشالح
عاصر آدم لمدة 143 سنة
سام
عاصر متوشالح 98 سنة
اسحق
عاصر سام 50 سنة
لاوى
عاصر اسحق 34 سنة
لاوى
هو جد موسى مباشرةً
مرحلة كتابة الوصايا على الضمير: ويمكن اكتشاف ذلك من خلال شعور قايين بالذنب بعد أن قتل أخيه، فقد كان ضميره يحمل جرس الإنذار الذي يقول له الصواب والخطأ. ويؤكد بولس ذلك (رو14:2-15) لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ، الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً. أي منذرة بالخطأ أو مبررة للفعل إذا كان صواب.
وهنا نستطيع أن نرى أمرين شديدي الخطورة فيما يتعلق بحفظ كلمة الله نقية؛

الأول: إن ضمائر الناس أصبحت ضمائر منجسة، ويسميها بولس (1تي 4 : 2) ...، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ" ( أي لم تعد تعمل بكيفية صحيحة).

الثاني: انتشار الناس في بقاع الأرض المختلفة وازدياد شرهم حتى أصبح الحفاظ على كلمة الله نقية أمر قد يكون مرهون على شخص واحد مثلما حدث في أيام نوح.
بالاضافة لما واجهته الكلمة الشفهية من أخطار كثيرة من أهمها الشك وتحريف الشيطان لكلمة الله الذي بدأ منذ فجر التاريخ مع حواء (تك4:3).
لذلك اختار الله اسلوب الكتابة ليحفظ كلمته نقية عبر كل الأجيال:
فقد أعطى لموسى الوصايا مكتوبة، وكتب موسى باعلان إلهي سفر التكوين، وسجل قصة تعاملات الله مع شعبه ووصاياه لهم ( الناموس).
وقد أعطى الرب أمر لعدد من الأنبياء بالكتابة مثل دانيال، ولعل إعطاء إرميا الأمر بإعادة الكتابة بعد أن أحرق يهوياقيم الملك كلمة الله (إر23:36)، يُعبّر عن إصرار الله على أن تكون كلمته مكتوبة. وقد شهد كُتَّاب العهد القديم لما كتبوه بأنه كلمة الله؛ ففى "أكثر من 3800 مناسبة فى العهد القديم أعلن كُتّابَهُ أن ما قالوه وكتبوه هو كلام الله" [4] . وفى (لو44:24) استخدم الرب يسوع كلمة ما هو مكتوب، في الاشارة  للوحى المدون عنه فى العهد القديم. وشدد على عدم امكانية أن يُنقض المكتوب فى الناموس (يو35:10). والكتابة تضمن[5]:
1.    الدقة؛ فعرض الأفكار بطريقة مكتوبة يزيل كل غموض. بالإضافة إلى أن إبليس حارب الوصايا الشفاهية منذ جنة عدن (تك3).
2.    الإنتشار؛ دون مخاطر النقل الشفوي.
3.    الحفظ، فالله أراد أن يحفظ كلمته نقية لكل الأجيال (مز6:12-7).
إن إعطاء إرميا الأمر بإعادة الكتابة في (إر23:36)، يُعبّر عن إصرار الله أن تكون كلمته مكتوبة.

كيف تدعم المخطوطات سلامة النقل؟ 
1)     ممارسات نُسَّاخ العهد القديم[6]: يتلقى كل ناسخ تعليمات يجب الإلتزام بها، منها:
a.    أن يغسل جسده ويلبس الملابس الكهنوتية، قبل البدء في الكتابة.
b.    يستخدم درجاً من جلد حيوان طاهر.
c.     على الناسخ أن يَعِد كل حروف المخطوطة ويحدد الحرف الأوسط، ثم يَعِد حروف النسخة ويحدد الحرف الأوسط ويطابق المخطوطة بالنسخة.
d.    لا يعتمد على ذهنه بل ينطق الكلمات بصوت مسموع.
e.    هناك من يتولى مراجعة النسخة بمنتهى الدقة ولو حدث خطأ في النسخة كانت تُحرق.

2)     الإنتاج الوفير لمخطوطات العهد الجديد "يوجد عشرة آلاف مخطوطة للفولجاتا اليونانية، وعلى الأقل ألف مخطوطة من الترجمات القديمة، ونحو5300 مخطوطة يونانية للعهد الجديد بكامله، 24 ألف مخطوطة لأجزاء من العهد الجديد"[7]. وتمتاز مخطوطات العهد الجديد في أن "الفترة  الزمنية بينها وبين كتابة المخطوطة الأصلية قصيرة نسبياً"[8]. ثمة نتيجة، أن العدد الهائل للمخطوطات المنتشرة جغرافياً، وبلغات مختلفة، تعطي ضمان إمكانية معرفة النص الصحيح.

3 ) جداول القراءات: 
هي كتب أو جداول أُستُخدمت في الخدمة الكنسية، وتحوي قراءات مختارة من العهد الجديد. تحتوى على 36000 اقتباس من العهد الجديد. "لدى جمعها يتبين أنها تحتوي على كامل العهد الجديد مرات كثيرة، باستثناء سفر الرؤيا وأجزاء من أعمال الرسل"[9]. وهي تبرهن على وجود النص، فلا يمكن إقتباسه إن لم يكن موجوداً.


[1] يوسف رياض، وحى الكتاب المقدس ،(القاهرة: مكتبة الاخوة،2008)، 10.
[2] بيرس، 77.
[3] يوسف رياض، الكتاب المقدس
[4] بسام ميخائيل مدني، وحى الكتاب المقدس ، 21.
[5] جيم بيرس، مقدمة العهد الجديد، 77.
[6] ويصا الأنطوني، كتابنا المقدس، (القاهرة: مكتبة مارجرجس، 2002)، 103
[7] جوش ماكدويل، كتاب وقرار، (القاهرة: دار الثقافة، 1999)، 44.
[8] نفس المرجع،44.
[9] بيرس، 90.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق